نيران المدفعية تحرق مخيمات النازحين في دارفور تقرير: سلمى نصر الدين

في 13 مايو/أيار، فوجئ محمد آدم بقصف جوي على معسكر أبو شوك أودى بحياة 5 أشخاص وأُصيب 23 شخصًا آخرين. يقول محمد لـ المهاجر: هؤلاء المصابين أنا كنت بجانبهم حين سقطت الدانة عليهم

يصف محمد، ممثل اللجنة الأمنية بغرفة طوارئ مُعسكر أبو شوك للنازحين في ولاية شمال دارفور، الهجمات التي طالت المخيم بأنها "شرسة جدًا" وتكون الاشتباكات شديدة، وصلت إلى دخول أفراد ميليشيا الدعم السريع إلى المعسكر، وإطلاق ذخيرة حية استهدفت بها المؤسسات والمراكز الصحية واقتحموا منازل العائلات والأسر وأطلقوا النيران عليهم، وسرقوا هواتف المواطنين وسياراتهم

معسكر أبو شوك هو ضمن 171 معسكرًا للنازحين في إقليم دارفور، بحسب المنسقية العامة لشئون اللاجئين والنازحين في دارفور، ويضم الإقليم 5 ولايات هي: شمال دارفور، شرق دارفور، غرب دارفور، وسط دارفور، جنوب دارفور، وكلها ولايات متأثرة من القصف والهجمات العشوائية التي تطول مخيمات النزوح، بما يُخالف القانون الدولي الإنساني الذي ينص على حماية المدنيين أثناء النزاعات المُسلحة ومراعاة مبدأ التمييز أثناء الهجمات العسكرية

الصور مولدة بواسطة تقنيات الذكاء الاصطناعي

قرابة 63 هجومًا استُخدم القصف المدفعي والجوي والأسلحة النارية استهدفت معسكرات النازحين في دارفور، خلال الفترة من 15 أبريل/نيسان 2023 وحتى نهاية يونيو/حُزيران 2024، 5 من كل 10 هجمات طالت مخيمات النزوح قام بها الدعم السريع، بحسب بيانات موثقة من Insecurity Insight

أوضاع قاسية على المدنيين

هربنا بعد قصف المخيم بالدانات، لا نمتلك أي فرش أو ملابس، ونسكن مدارس للإيواء ونجد صعوبة في الحصول على المياه

هكذا بدأت مريم محمد النازحة من معسكر نيفاشا للنازحين في شمال دارفور، بعد هجمات وقصف بالدانات استهدفت المعسكر، في إفادة مصورة نشرتها مبادرة مناصرة ضحايا دارفور

يؤكد محمد آدم على حديث مريم قائلًا: الوضع الإنساني بعد حرب 15 أبريل صعب للغاية، لأنه القصف العشوائي دمر بيوت الناس وأحرقها وتسبب في إصابتهم وقتلهم

يُضيف في حديثه لـ المهاجر: أن الوضع الاقتصادي أيضًا الصعب، إذ فقد المواطنين أموالهم فأصبحوا غير قادرين على دفع إيجار لسكن أو شراء طعام وغيره من المستلزمات

تتفق شهادات محمد ومريم مع مئات الإفادات المصورة والمسجلة التي تنشرها المنظمات الحقوقية والتي اطلع على نصها المهاجر، كما أنها تتفق مع البيانات الموثقة من منظمة Insecurity Insight

وتفيد البيانات بوقوع 227 قتيل أثناء الهجمات على مخيمات اللاجئين، وأكثر من 376 مصابًا

التعدي على القانون الدولي

تنص اتفاقية جنيف بشأن حماية الأشخاص المدنيين في وقت الحرب المؤرخة في 12آب/أغسطس 1949، على حماية المدنيين في مناطق الصراع، وتذكر المادة الثالثة من الاتفاقية النزاعات المسلحة غير الدولية -كما في حالة السودان- وتنص على أنه: في حالة قيام نزاع مسلح ليس له طابع دولي في أراضي أحد الأطراف السامية المتعاقدة، يلتزم كل طرف في النزاع بأن يطبق كحد أدنى الأحكام التالية

الأشخاص الذين لا يشتركون مباشرة في الأعمال العدائية، بمن فيهم أفراد القوات المسلحة الذين ألقوا عنهم أسلحتهم، والأشخاص العاجزون عن القتال بسبب المرض أو الجرح أو الاحتجاز أو لأي سبب آخر، يعاملون في جميع الأحوال معاملة إنسانية، دون أي تمييز ضار يقوم على العنصر أو اللون، أو الدين أو المعتقد، أو الجنس، أو المولد أو الثروة أو أي معيار مماثل آخر

ولهذا الغرض، تحظر الأفعال التالية فيما يتعلق بالأشخاص المذكورين أعلاه، وتبقى محظورة في جميع الأوقات والأماكن

الاعتداء على الحياة والسلامة البدنية، وبخاصة القتل بجميع أشكاله، والتشويه، والمعاملة القاسية، والتعذيب وأخذ الرهائن

الاعتداء على الكرامة الشخصية، وعلى الأخص المعاملة المهينة والحاطة بالكرامة

إصدار الأحكام وتنفيذ العقوبات دون إجراء محاكمة سابقة أمام محكمة مشكلة تشكيلاً قانونياً، وتكفل جميع الضمانات القضائية اللازمة في نظر الشعوب المتمدن

قصف على معسكر 5 دقائق في مدينة زالنجي في دارفور يوم 1 سبتمبر/ أيلول 2024

ليس القصف فقط

تُظهر البيانات وإفادات الناجين من بينهم محمد عضو غرفة الطوارئ في مخيم أبو شوك، أن الهجمات على معسكرات النازحين لا تقتصر على القصف المدفعي والجوي الذي يحدث أثناء الاشتباكات بين طرفي الصراع، بل تُمارس ميليشيا الدعم السريع السرقة والنهب والحرق المتعمد للقرى والاغتصاب أثناء هجماتها على المعسكرات

تسلسل زمني لجرائم اغتصاب في مخيمات النازحين في دارفور

مايو 2023: في مخيم عطاش للنازحين، مدينة نيالا، ولاية جنوب دارفور، اختُطفت واغتُصبت حوالي 24 امرأة وفتاة من المخيم من قبل أفراد قوات الدعم السريع

يونيو 2023: في مخيم أبو شوك بولاية شمال دارفور، اغتصب مسلحون مجهولون امرأتين نازحتين داخليا

آب/أغسطس 2023: في مخيم كلمة للنازحين، ولاية جنوب دارفور، اغتصبت قوات الدعم السريع 12 امرأة، وتوفيت إحدى النساء في وقت لاحق متأثرة بجراحها

أيلول/سبتمبر 2023: في مخيم الحصاحيصة للنازحين بوسط دارفور، اغتصب عدد غير محدد من أفراد قوات الدعم السريع فتاتين تبلغان من العمر 15 و17 عاما

أكتوبر 2023: أُبلغ عن 24 حالة اغتصاب واحتجاز ونهب وحرق متعمد وأعمال عنف أخرى من مخيم الحصاصيا بعد هجوم لقوات الدعم السريع

أكتوبر/تشرين الأول 2023: بالقرب من مخيم الحميدية بولاية وسط دارفور، اغتصب جندي من قوات الدعم السريع نازحة بعد مغادرتها المخيم

ذكرت منظمة أطباء بلا حدود في بيان لها أن المستشفيات في دارفور تتعرض للقصف المدفعي، يقول رئيس الاستجابة لحالات الطوارئ مع أطباء بلا حدود في السودان، ستيفان دويون: لا نعرف ما إذا كانت المستشفيات تُستهدف بشكل متعمّد، لكن الحادث الذي وقع يوم الاثنين يُظهر أن المتحاربين لا يتخذون أي احتياطات لتجنيبها. فهم لا يبذلون أي جهود لمنع وفاة المدنيين أو لضمان حماية المرضى والطواقم الطبية. ويُزهق نتيجة لذلك المزيد من الأرواح

وبالإضافة إلى الهجمات على المرافق الصحية، احتجزت قوات الدعم السريع شاحنات إمدادات أطباء بلا حدود في كبكابية خلال الأسابيع الأربعة الماضية، مما قد يحرم المستشفى السعودي في مدينة الفاشر بولاية شمال دارفور قريبًا من الإمدادات الضرورية

تعليقا على تلك الهجمات قالت المنسقية العاملة للنازحين في دارفور إن معاناة النازحين داخل مخيمات دارفور متواصلة لأكثر من عقدين يتعرضون فيها بشكل متكرر لعمليات قصف جوي ومدفعي متعمد، أسفرت عن سقوط ضحايا أبرياء من الأطفال والنساء والشيوخ، ولا تزال الأطراف المتصارعة تستهدف المدنيين بشكل منهجي

وأضافت: تقوم قوات الدعم السريع بالقصف المدفعي العشوائي ضد النازحين في مخيم أبو شوك، وكذلك ضد المدنيين في مدينة الفاشر، مما أسفر عن مقتل المئات من المدنيين الأبرياء، فيما ظل الجيش السوداني يرتكب سلسلة من الانتهاكات الجسيمة ضد حقوق الإنسان منذ عام 2003م، حيث أجبر المدنيين على النزوح من قراهم ومناطقهم في دارفور باستخدام القصف الجوي والأسلحة الثقيلة، ولا يزال يستمر في هذه الانتهاكات

يتفق اتهام منسقية اللاجئين والنازحين لطرفي الصراع في استخدام القصف الجوي والأسلحة الثقيلة ضد النازحين واللاجئين مع البيانات التي جرى تحليلها من "المهاجر" والتي ذكرت أن أطراف النزاع استخدمت الأسلحة النارية والمدفعية الثقيلة والقصف الجوي والقنابل والذخائر

يطلب النازحين والمنظمات الأممية العاملة في دارفور بوقف الاستهداف الدائم لمعسكرات النازحين وأن تراعي الأطراف المتحاربة التمييز بين المدنيين والأطراف المتحاربة وتؤكد على عدم تواجد مسلحين داخل معسكرات النزوح