Loading

سي نجيب احتفاء خاص بذكرى أديب نوبل

كتب: حسام الضمراني - حنان عقيل- سارة ساويرس

تصميم: هايدي حمدي

ومن أبرز المؤلفات التي رصدت الأحياء التي سكن فيها نجيب محفوظ: «نجيب محفوظ من الجمالية إلى نوبل» للدكتور غالي شكري، و«صفحات من مذكرات نجيب محفوظ» لرجاء النقاش، و«نجيب محفوظ يتذكر» للكاتب جمال الغيطاني، و«ليالي نجيب محفوظ فى شبرد» للكاتب الصحفي إبراهيم عبد العزيز، وغيرها.

كتاب يجيبون عن سؤال: هل استفاد القراء من الدراسات النقدية لأعمال أديب نوبل أم هي مجرد "فرقعة أدبية"؟

يعتقد الناقد والأكاديمي حسين حمودة، رئيس تحرير دورية نجيب محفوظ، أن السؤال عن قيمة ما قُدّم حول نجيب محفوظ مشروع لا سيما وأن الدراسات والتناولات ليست كلها على مستوى واحد، بل إنها متفاوتة القيمة بوضوح، لأسباب كثيرة تتصل بمنطلقاتها وبالزوايا التي قاربت من خلالها عالمه، وبمدى النجاح الذي وصلت إليه في استكشاف أو تقصّي أبعاد عميقة وجديدة في عالمه، وأيضا بالقدرات النقدية لدي من قاموا بها.

ويتابع حسين حمودة صاحب كتاب "متصل الزمان- المكان فى روايات نجيب محفوظ": هناك عدد كبير من الرسائل الجامعية التي يتم إنجازها كل عام في الجامعات العربية عن كتابات محفوظ، وبعضها مدرسي الطابع تماما.. وهناك أيضا كتب ودراسات صدرت وتصدر عن عالم محفوظ وقعت في أفخاخ الاجترار. لكن، بجانب هذا، هناك أيضًا كتب ومقالات كثيرة تنشر عن محفوظ، كل عام، ولا تخلو من قيمة كبيرة.

الناقد حسين حمودة

أما سيد ضيف الله، أستاذ النقد بأكاديمية الفنون، فيُلقي الضوء على ما يحمله زخم الكتابات النقدية عن نجيب محفوظ من تكرار واجترار للقديم بدون أية إضافة مهمة، ويُرجع ذلك إلى عدم إحاطة بعض النقاد والباحثين بكل ما قُدّم حول أعمال محفوظ ما يجعلهم يظنون أن ثمة جديدًا سيطرحونه، فضلًا عن محدودية طرائق النقد التي تُقارب من خلالها أعماله، ما يُفسر تكرار الدراسات عن تقنيات السرد وما شابه ذلك، وهو ما لا يؤمل منه جديد.

في المقابل، يُشيد ضيف الله بالكتابات الصحافية عن نجيب محفوظ، على الرغم من تحفظ النقد الأكاديمي تجاهها، ودورها في الكشف عن جوانب جديدة من عالم نجيب محفوظ، موضحًا أن مثل هذه الكتابات الناتجة عن بحث استقصائي لها دور في كشف رؤى العالم عند نجيب محفوظ بشكل لم ينتبه إليه النقد الأكاديمي.

سيد ضيف الله أستاذ النقد بأكاديمية الفنون
كتب مدرسية الطابع

ويتفق الناقد والأكاديمي خيري دومة مع ما ذهب إليه الرأيان السابقان من قلة الدراسات المميزة الحديثة عن أدب نجيب محفوظ ، فينوّه، في حديثه مع "الدستور"، بأن مع كثرة ما كُتب عن عالم محفوظ الأدبي، فإنه لا يذكر سوى عدد قليل من الكتب ذات القيمة في هذا المضمار منها كتاب "بناء الرواية: دراسة مقارنة في ثلاثية نجيب محفوظ" لـسيزا قاسم، و"نجيب محفوظ: الرؤية والأداة" لـعبد المحسن طه بدر، و"العالم الروائي عند نجيب محفوظ" لـ إبراهيم فتحي"، و"تأملات في عالم نجيب محفوظ" لـمحمود أمين العالم، وجميعها إصدارات من القرن الماضي.

ويشير دومة إلى أن كثيرًا من الكتب الحديثة عن أديب نوبل لم يسترع انتباهه ووجد معظمه مدرسيّ الطابع ولا يطرح جديدًا عن عالم نجيب محفوظ الأدبي، في حين أن المقالات والدراسات المنشورة بالمجلات قد يحوي بعضها أفكارًا أكثر أهمية وجدة.

ما أغفله النقد رغم الزخم

قاد تكرار البحث حول مسائل بعينها في أعمال نجيب محفوظ إلى إنتاج الكثير من الدراسات والكتب عن نجيب محفوظ لا تطرح جديدًا. كمٌ كبير من الأعمال مقابل كيف متواضع يمكن وصفه بكونه "ضجيج بلا طحين" عن عوالم نجيب محفوظ الثرية، وهو ما قد يدفعنا للسؤال حول ما أُغفِل تناوله عن عالم نجيب محفوظ وسط هذا الزخم؟ أي أرض بكر لم تطأها إلى اليوم أقدام الدراسات النقدية؟

يُلفت خيري دومة النظر إلى أن الاهتمام النقدي بروايات محفوظ قد طغى على أعماله الأخرى لا سيما الأعمال في المرحلة الأخيرة من حياته مثل "أصداء السيرة الذاتية"، و"أحلام فترة النقاهة"، ويقترح أن يولي النقد اهتمامه بدراسة هذه الأعمال من منظور أساليب التجريب بها وانطلاقًا مما أرساه إدوارد سعيد في كتابه "الأسلوب المتأخر" من حديث عن الطابع الخاص الذي تتخذه الكتابات والإبداعات الفنية والأدبية للكتاب في مراحلهم الأخيرة، وهو ما يمكن أن يكوّن زاوية جديدة للنظر في صفاء رؤية محفوظ في كتاباته بمرحلته الأخيرة.

الناقد والأكاديمي خيري دومة

أما سيد ضيف الله، فيرى أن كثرة الدراسات لا تعني أن الباب أغلق ولكن المهم هو زاوية الرؤية، منوهًا إلى أن النقد النسوي المعتدل يمكنه أن يقدم رؤى جديدة لأعمال نجيب محفوظ تكشف عن تأريخه لتطور وضع المرأة وتعقد قضاياها باختلاف المستويات الاجتماعية والثقافية على مدار السنوات، كما يمكن النظر في أعماله من منظور ما تقدمه من رؤية في تجديد الخطاب الديني، فضلًا عن تعزيز الاهتمام بدراسات الاستقبال للكشف عن كيفية استقبال القراء بمختلف مستوياتهم الفكرية ومراحلهم العمرية لأعمال محفوظ المختلفة.

ويشير الناقد الكبير يوسف نوفل، صاحب كتاب "نظرية السرد بين جيلي طه حسين ونجيب محفوظ"، إلى أن المجال ما زال مفتوحًا لطرح الجديد عن عوالم نجيب محفوظ، رغم كثرة ما قدم عنه من دراسات، منوهًا بأهمية التركيز على تحليل رواية "أولاد حارتنا" بمعزل عن التأويلات الملتبسة التي أُلصقت بها بسبب التفسير الديني ، وذلك بالاحتكام إلى نص الرواية ذاته بما يكشف عن أنها لم تطرح أي تعارض بين الدين والعلم، حسبما روّجت التأويلات المتداولة.

الناقد يوسف نوفل

وختامًا، يدعو الناقد البارز محمد حسن عبد الله إلى تعزيز الاهتمام بإنتاج محفوظ معتبرًا أن كل ما قُدّم ليس كافيًا، وفي سبيل ذلك يدعو إلى تأسيس جمعيات مختلفة تعني بإنتاج مختلف الأدباء البارزين ومنهم نجيب محفوظ بما يسهم ليس فقط في دراسته نقديًا ولكن في تشكيل وعي جماهيري به.

ويتفق عبد الله مع ما طرحه خيري دومة من ضرورة الاهتمام بالأعمال الأخيرة لنجيب محفوظ من زاوية طرائق الكتابة الأخيرة، وتقصي مدى تحكم الحتمية في تصورات نجيب محفوظ، مشيرًا إلى أن الأعمال الأخيرة لمحفوظ تحتاج لدراسة من منظورات مغايرة تتحرر من المقولات النقدية التقليدية.

الناقد محمد حسن عبد الله
"قصر الشوق" دعوة للفسق والفجور وهدم الأسرة المصرية.. معركة "نجيب محفوظ" مع الرقابة

وفي مذكراتها، تقول الكاتبة اعتدال ممتاز، ومديرة الرقابة على المصنفات الفنية السابقة، في كتابها "مذكرات 30 عامًا رقيبة السينما"، أنها سجلت ملاحظاتها أن فيلم "قصر الشوق" قد تم إنتاجه في فترة زمنية قصيرة جدًا لا تتجاوز الشهر، مشيرة إلى أنه "تم طبخ الفيلم على وجه السرعة بدون اعتبار إلى التجويد والإتقان".

كتاب "مذكرات 30 عامًا رقيبة السينما

وألقت اعتدال ممتاز اللوم على نجيب محفوظ، الذي كان يتقلد حينها منصب رئيس مجلس إدارة مؤسسة السينما، ففي حديثها، تسترجع لحظات من أهم التجارب التي مرت بها في عملها كرقيبة سينمائية، فقالت عنه: "كان مسئولا عن كيفية تمويل مثل هذا الفيلم الهابط، وبالتالي اتخذ موقف المدافع عنه، بالغرم من أن الفيلم أساء إلى عمله الأدبي، أبلغ الإساءة".. وعادت لتقول عنه: "وقد كان عيبًا فادحًا أن تنتج مؤسسة السينما فيلمًا هابطًا يحمل اسم منتج كبير وكاتب كبير ومخرج كبير، بينما يشعر المشاهد أن موضوع الفيلم قزم مشوه يسيء إلى تاريخ مصر الوطني".

وفيلم قصر الشوق، من إﺧﺮاﺝ: حسن الإمام، ومن ﺗﺄﻟﻴﻒ الكاتب نجيب محفوظ، وسيناريو وحوار، محمد مصطفى سامي، وكوكبة من النجوم وهم نادية لطفي، يحيى شاهين، عبدالمنعم إبراهيم، ماجدة الخطيب، آمال زايد، سمير صبري.

فيلم قصر الشوق

ودارت مناقشة بين المخرج حلمي رفلة، وكان من شاغلي أحد قطاعات مؤسسة السينما، والرقيبة اعتدال ممتاز، وقد تقدم بكتاب للرقابة مدافعًا عن الفيلم، أن: "حوداث قصر الشوق تقع في فترة الاحتلال البريطاني، وكان لهذا الاحتلال تأثيره السيئ على البيئة المصرية، فانتشرت في عهده بيوت الدعارة، وتكاثرت المواخير، وانصرف الكثير من التجار إلى الملذات وكان طابع الاحتلال يسيطر على جانب كبير من المجتمع في ذلك الوقت، وهو ما أوضحه الكاتب الكبير نجيب محفوظ في قصته المشهورة".

المخرج حلمي رفلة
13 مشهدًا

وأشار حلمي رفلة، إلى أن هناك لجنة فنية شاهدت الفيلم، قبل عرضه على الرقابة، وحذفت منه 13 مشهدًا.

وحينما شاهدت اعتدال ممتاز، الفيلم، مع السادة الرقباء، بعد حذف هذه المشاهد، كتبت ملاحظاتها، كمديرة القسم العربي، في تقرير مكون من صفحتين، أبرز ما جاء فيه: أن الفيلم في عمومياتها دعوة إلى الفسق والفجور والزنا وهدم الأسرة المصرية.. فالأب وجيله جيل فاسد، والابن أي الجيل الذي يليه جيل فاسق أيضًا".

وأضافت اعتدال ممتاز: أن الفيلم يحمل في طياته دعاية مسيئة للإسلام، فقد حرف الآيات القرآنية "إذا بليتم فاستتروا" إلى "وإذا استترتم فابتلوا"، وقال "إن الخمر مفتاح الفرج"، ثم جعل من الصلاة فريضة مظهرية فالبطل يصلي في منزله، ويفسق خارجه.

مشاهد من فيلم قصر الشوق

وبعد معركة شرسة، أجازت الرقابة عرض الفيلم، بعد حذف 3 مشاهد أخرى، بالإضافة إلى الـ 13 مشهدًا السابق ذكرها، وبعد سجال آخر لتصدير الفليم إلى الخارج، وافق وزير الثقافة حينها، ثروت عكاشة، بتصدير الفيلم بعد إجراء جميع المحذوفات التي ارتأتها الرقابة ومجلسها، وتم تصدير الفيلم إلى بيروت والعراق والدوحة وتونس، وغيرها من البلاد العربية.

وزير الثقافة السابق ثروت عكاشة